أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

السبت، 25 يونيو 2011

قصور المتوكل وتأسيس مدينة المتوكلية


اهتم المتوكل على الله ببناء القصور اهتماماً عجيباً يثير الانتباه ، فقد بنى عدداً منها في انحاء مختلفة من سامراء ، وقد تفنن في تزيينها وزخرفتها وانشاء حدائقها وبركها الجميلة ، إلا ان مما يؤسف له انه رغم متانة بناء تلك القصور ورصانة اسسها ، لم يبق منها شيء سوى اطلال بعضها وآثار من اسسها تساعد الى حد ما على معرفة تخطيطها ومساحاتها ومواد بناءها ، اما ما احتوت عليه من ريازة وتصاوير وافاريز مما يعبر عما وصل إليه الفن العمراني في عهد سامراء ، فقد ذهب به الاهمال وعوادي الزمن ، ولم يبق سوى بعض القطع والكتل مما يعثر عليه بين الاكام ، فتتخذ وسيلة للاستدلال والاستنتاج مما لا يمكن معه الوصول الى الحقيقة كاملة ، ويقول ياقوت الحموي ان مجموع ما انفقه على تلك القصور هو ( مائتا الف درهم واربعة وتسعون الف : ألف درهم , من تلك القصور
: قصر بلكوار
لقد شيد المتوكل على الله هذا القصر في اقصى الجنوب لمدينة سامراء في منطقة القادسية عملاً بخطته في توسيع عمران المدينة الى مختلف جهاتها ، وتقع اطلاله اليوم على مسافة ستة كيلو مترات من مدينة سامراء الحالية .
قصر الشاه والعروس ، قصر المختار والبديع ، قصر الصبيح والمليح ، قصر البرح ، قصر البهو ، قصر شيراز ، قصر الغريب ، قصر بستان الايتاخية ، قصر القلائد ، وقصر الوحيد والتل .
: تأسيس مدينة المتوكلية
كان افخم اعمال المتوكل على الله العمرانية تأسيسه مدينة جديدة سميت باسمه ، فقد بذل اول امره جهوداً كبيرة في توسيع مدينة سامراء وتحسينها وايصال الماء إليها ، وانفق على ذلك اموالاً طائلة ليجعل منها اجمل مدينة تليق بان تكون عاصمة الدولة العربية المترامية الاطراف ، ولكن سامراء مع ما اقامه فيها من منشآت عمرانية ومشاريع اروائية لم تشبع طموحه ، بل انها ضاقت باحلامه ورغباته ، فراح يفكر في إنشاء مدينة جديدة يشرف على تخطيطها وبناؤها فوق ما يطمح إليه من شوارع عريضة مستقيمة ، وقصور فخمة جليلة ، وحدائق غناء ومتنزهات جميلة ومبانواسعة ودواوين للدولة ، واستولت عليه رغبة ملحة في ان تنسب إليه المدينة ليخلد بها اسمه ، فامر محمد بن موسى المنجم ومن يحضر ببابه من المهندسين ان يختاروا موضعاً مناسباً لإنشاء مدينة خاصة به بالمواصفات التي يريدها ، فوقع اختيارهم على موضع يقع شمال مدينة سامراء بينها وبين تكريت على بعد عشرين كيلو متراً من سامراء الحالية(1) ، وقالوا له ان المعتصم قد رأى ان يبني هنا مدينة ويحفر نهراً كان في الدهر القديم(2) ، فلقى ذلك هوى في نفسه ويظهر انه فضل هذا الموضع لانه يمتد على ضفاف دجلة مثل مدينة سامراء وان فيه نهراً مندرساً يسد حاجة المدينة الجديدة ومنشأتها من المياه اذا ما اعيد حفره ، وقد ايد المهندسون صلاحية المنطقة للبناء ، وان من الممكن احياء النهر المذكور اذا ما

توفرت النفقات المناسبة واللازمة لذلك ، وكانوا قدروا النفقة على احيائه بالف الف وخمسمائة الف دينار(1) ومع جسامة المبلغ فقد رضي المتوكل على الله وطاب نفساً وامر بالمباشرة بجوه بنفس الوقت الذي بوشر فيه بتخطيط المدينة والبناء فيها ، وقد حدد البلاذري موضع المدينة بقوله ( ثم انه احدث مدينة سماها المتوكلية وعمرها واقام بها واقطع الناس فيها القطائع ، وجعلها فيما بين الكرخ والقاطول فدخلت الدور والقرية المعروفة بالماحوزة فيها ، وبنا بها مسجداً جامعاً)(2) .
كانت اعمال تأسيس المدينة وبنائها بدأت مع البدء بحفر النهر ، فكان لا بد من توفير المياه اللازمة لاعمال البناء ، ولذا امر المتوكل على الله بانشاء كهريز يستمد مياهه من نهر دجلة بالقرب من تكريت ويحملها الى موقع المدينة الجديدة على شاكلة قناة سامراء التي سبق وان انشئت لايصال المياه الى سامراء وكانت قناة جوفية ولا تزال شبكة للكهاريز التي كانت تتفرع من الكهريز مائلة يمكن مشاهدتها في عدة امكنة داخل اطلال مدينة المتوكلية(3) .
وقد عين المهندسون مواضع قصور الخلافة ، ودار الخلافة والدواوين الرسمية ، والمناطق السكنية وقطائع القواد والجند وضعوا التفصيلات اللازمة لعمرانها ، وجيء بالعمال والبنائين وقام العمل على قدم وساق لانجاز المدينة باقصر وقت ممكن ومدوا الشارع الاعظم من دار شناس التي بالكرخ ، وجعلوا عرضه في مدينة المتوكلية مائتي ذراع ، وقدروا ان يحفروا على جانبه جدولان يجري فيهما الماء من النهر الكبير الذي بوشر بحفره ، واقطع الخليفة ولاة عهوده الثلاثة وسائر اولاده وقواده وكتابه وجنده وسائر الناس كافة على يمين الشارع الاعظم وعن يساره ، وجعل الأسواق الكبيرة في موضع منعزل ، وكما جعل في كل مربعة وقطيعة سوقاً خاصاً بها(4) ، وقد بدأ العمل في بناء المدينة في سنة ( 245 هـ ) .
وتميز الشارع الاعظم بطوله واستقامته ، ولا سيما بعد ان امتد الى آخر مدينة المتوكلية وضوعف عرضه ، اذ بعد ان يترك سور شناس يتجه شمالاً مسافة كيلو مترين تقريباً ثم ينعطف نحو الغرب قليلاً فيسير باتجاه مستقيم بين نهر دجلة والقاطول الاعلى .
ويبلغ طوله في داخل مدينة المتوكلية حوالي اثنتي عشر كيلو متر ونصف الكيلو متر .
ويظهر ان تصميم مدينة المتوكلية وضع على اساس تقسيمها الى ثلاثة اقسام :
أولها : القسم الجنوبي منها ويعرف باسم دور عربايا أو الدور العرباني ،وقد خصص لسكنى الناس وبصورة عامة .
القسم الثاني هو القسم الوسطي من المدينة وقد خصص لقطائع القواد وأصحابهم فكان لكل قائد قصر خاص يطل على دجلة .
وقد شيد في شمالي هذا القسم جامع المدينة المعروف باسم جامع أبي دلف ومئذنته الملوية وينتهي القسم الوسطي من المدينة شمالي الجامع بقليل حيث يبدأ القسم الثالث منها ،وهو القسم الشمالي الذي خصص لدار الخلافة ودواوين الدولة وقصور المتوكل على الله ،ويفصله عن بقية أجزاء المدينة سور يمتد بين ضفة القاطول الأعلى ونهر دجلة وله ثلاثة أبواب عظام جليلة يدخل منها الفارس برمحه (1) بحيث كانت هذه المنطقة معزولة تماماً عن المدينة .وهذا القسم الخاص بدار الخلافة والدواوين كانت فيه مساحات واسعة نظمت فيها حدائق وبساتين يخترقها شارعان يؤديان إلى دار الخلافة ودواوين الدولة.(2)
وكان المتوكل على الله يتفقد بنفسه سير العمل في بناء مدينته ، وفي حفر النهر ،فمن رآه من العاملين قد جد في البناء أجازه وأعطاه ،فجد الناس ونشطوا في العمل ،ثم ارتفع البنيان في خلال مدة تزيد على السنة ، إذ بنيت القصور وشيدت الدور .وسمى المتوكل على الله المدينة الجديدة (المتوكلية) نسبة إليه وكان البناء قد اتصل إلى الدور ثم الكرخ وسامراء حتى أسفل المطيرة ،حيث شيد قصر المعز بن المتوكل على الله ولم يبق بين ذلك مكان لا عمارة فيه ،وكان مقدار ذلك سبعة فراسخ .(3)
وانتقل المتوكل على الله إلى قصور هذه المدينة في أول يوم من المحرم من سنة 247هـ.(4)
وأمر الخليفة بأن تنقل دواوين الدولة من سامراء إلى المتوكلية ،فنقل ديوان الخراج وديوان الضياع وديوان الزمام وديوان الجند والشاكرية وديوان الموالي والعلماء وديوان البريد وجميع الدواوين الأخرى وعندما انتقل المتوكل على الله إلى عاصمته الجديدة كان
الخلاف بينه وبين القواد الأتراك قد بلغ درجة خطيرة ، ومما زاد في خطورة هذا الخلاف ان ولي العهد النتصر انظم الى معارض ابيه ، وبلغ الخلاف بين الجانبين ان بات كل جانب منهما يتربص بالجانب الاخر ويعمل على التخلص منه ، وسرعان ما نجح الجانب التركي في تدبير مؤامرة اغتيل فيها الخليفة ، قد مضى على انتقاله الى المتوكلية سوى تسعة اشهر وثلاثة ايام ، اذ قتل ليلة الاربعاء لاربع خلون من شوال سنة 247 هـ (1) .
وتولى الخلافة محمد المنتصر ، فلم يلبث في المتوكلية سوى ايام قليلة ثن انتقل الى سامراء وامر الناس جميع الناس بالانتقال(2) .
تقع اطلال مدينة المتوكلية على ضفاف نهر دجلة على بعد 10 كم من الحدود الشمالية لمدينة سامراء . ولا تزال اثار السور العظيم الذي كان يحيط بدار الخلافة والدواوين وقصور الخليفة والذي يربو طوله على 4 كم ونصف الكيلو متر ماثلاً للعيان .
وتبلغ مساحة الأرض التي كانت تشغلها هذه المباني 540 دونماً(3) .
: جامع أبي دلف
يقع جامع ابي دلف في مدينة المتوكلية التي بناها المتوكل على الله في أواخر سنوات حكمه واتخذها عاصمة له شمالي مدينة سامراء . وتبعد اطلال الجامع وبقاياه عن مدينة سامراء الحالية بنحو 15 كم .
ان جامع ابي دلف من جملة منشآت المتوكل على الله في مدينة المتوكلية فقد ذكر البلاذري ان المتوكل على الله ( احدث مدينة سماها المتوكلية ، وبنى فيها مسجداً جامعاً )(4) .
وتعتبر بقايا جامع ابي دلف ابرز اطلال مدينة المتوكلية ، وهو يشبه في تخطيطه وشكله العام جامع الملوية الكبير الذي شيده المتوكل في سامراء في اوائل عهده بالخلافة شبهاً كبيراً كما ان فيه مئذنة تشبه ملوية جامع الملوية الكبير وقد بنيت على شاكلتها إلا انها اصغر منها حجماً .
اما نسبة الجامع الى ابي دلف فانها حديثة وذلك ان الناس اطلقوها عليه في القرون المتأخرة لما يتمتع به صاحب هذا الاسم من الشهرة ولعلمهم انه كان من القواد العرب القلائل في تلك الايام وقد عاش في سامراء ، فطاب لهم ان ينسبوه إليه ، فاطلقوا عليه اسم جامع ابي دلف (1) .
وابو دلف هو القاس بن عيسى بن ادريس بن معقل العجلي احد الامراء الشجعان ومن كبار رجال الدولة العربية وقوادها على عهد الرشيد وابناءه من بعده في بغداد وسامراء وقد سماه المتوكل على الله ( شقيق دولة بني العباس ) ، وقد اشتهر بالسخاء والكرم والوفاء كشهرته بالشجاعة والطعان
منقول من موقع
khayma.com

التعليقات : 1

Unknown يقول...

موضوع رائع وشيق

Post a Comment

Baghdad
عمر العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
free counters