أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

السبت، 25 يونيو 2011

سامراء عاصمة الخلافة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه :الى يوم الدين وبعد

هناك قسم من تاريخ الدولة العربية في عهد العباسيين يؤلف وحدة تاريخية كاملة امتدت من سنة ( 221 هـ ) حتى سنة ( 279 هـ ) كانت فيه مدينة سامراء حاضرة الخلافة الاسلامية ، وهذه المدينة التي انشئت لتكون عاصمة الخلافة في ايام المعتصم بالله ثامن خلفاء بني العباس ، شاء لها القدر ان تكون عاصمة لإمبراطورية من اعظم الامبراطوريات التي ظهرت على مسرح التاريخ ، فقد امتدت الامبراطورية العربية من سواحل المحيط الاطلسي غرباً حتى تخوم الصين شرقاً ورغم اختلاف اجناس رعاياها واختلاف السنتهم ، وقيام بعض الامارات شبه المستقلة على اطرافها المتباعدة ، فقد كانت ولاياتها جميعها مرتبطة برباط الدين الاسلامي والحضارة العربية وتخضع كلها لخليفة سامراء .وكما يقول المستشرق الهولندي كرامرز ( انها كانت كتلة دينيه واحدة فضلاً عن وحدة سياسية متينة العرى متراصة البنيان ، جمعت بينها قوة السلاح ، وجعلت سكانها يقفون كأعظم قوة مركزية عرفها البشر).
ونستطيع ان نعتبر تاسيس مدينة سامراء اهم اعمال المعتصم بالله وابقاها اثراً. وتقوم هذه الاهمية على ما تطلبه تأسيسها من تصميم مسبق ، وجهد كبير متواصل ، ومال وفير ، وما لقيته العاصمة الجديدة من دور مهم في مسيرة الحضارة العربية خلال الشطر الاكبر من القرن الثالث .
وقد تيسر للمعتصم بالله ان ينهض بذلك العمل العظيم بما وهب من حب للعمران ، وتوفر له المال ، وقد اختار المكان المناسب للمدينة من حيث حسن الجو والمناخ ، وتوفر المياه وحصانة الموقع وخططها بما يسد احتياجات عسكره ومتطلبات الحياة المدنية ، ووزع الأعمال الانشائية المطلوبة لتأسيس المدينة على قواده وكبار رجاله بما كفل سرعة انجازها ، ولم يبخل ببذل بما احتاجته لذلك من الأموال ، فاستطاع ان يقيم مدينة واسعة كاملة للمرافق في خلال مدة وجيزة تعتبر قياسية ، اذا ابتدا بنائها في سنة ( 221 هـ ) وتم إنجازها في أواخر السنة التالية ، وما ان لبثت المدينة حتى قصدها احناف الناس واستوطنوها باعتباره حاضرة الخلافة ، ولم تمض مدة يسيرة على تأسيسها حتى غدت من امهات مدن الدنيا آنذاك ، وقد اقدم إليها الخليفة نفسه من كل بلد من يعمل عملاً من الأعمال أو يعالج مهنة من مهن الزرع والفرس ، وحمل من سائر البلدان من اهل كل مهنة وصناعة فانزلهم في المدينة واقطعهم فيها لبناء منازل لهم ، فاتسعت عمارة المدينة واتصلت بيوتها وقصورها واسواقها ، وانتقل إليها عدد كبير من وجوه الناس واهل النباهة من سائر المدن والبلدان والامصار لطيب جوها وحسن موقعها وعمارتها .
ومع أهمية سامراء عاصمة الدولة العربية في ازهى عصورها ودورها الكبير في بناء الحضارة العربية ، فانها لم تنل ما تستحقه من عناية المؤرخين واهتمامهم ، فقد اقام بها عدد من الخلفاء وكان لهم اثر مهم في تاريخها ، ووقعت في ايامها احداث جسام تركت آثارها المتميزة على مسيرة الدولة العربية ، وكان عهدها عهد القمم من اعلام الرجال ممن تفخر بهم في مختلف ميادين العلم والادب ، فقد عاصرها الامام احمد بن حنبل الشيباني ، وامام الحديث محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن حجاج القشيري والمؤرخ الفقيه العالم محمد بن جرير الطبري وقد اقم بها وسكنها الامام المحدث الكبير ابن معين وتوفي ودفن فيها ، والمؤرخ البلداني احمد بن اسحاق اليعقوبي واما اللغة والنحو المبرد وثعلبة وعميد ادباء عصره الجاحظ ، ويوجد في كتب الرجال والطبقات كثير من الفقهاء والمحدثين والكبار قد سكنوا هذه المدينة الكبيرة ، وهناك رسالة ماجستير عنوانها ( العلماء المحدثين في سامراء ) ، وعلماء اخرون كثيرون .
كما تميز عهد سامراء بأحداث كثيرة منها ان الدولة العربية بلغت اوج قوتها حينما هدد المعتصم بالله في سنة ( 223 هـ ) مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية بعد ان اجتاح قواعد الروم وحصونهم وافتتح عمورية اهم مدنهم ، كما قضت الدولة العربية في هذا العهد على خطرين تعرضت لهما هما حركة بابك الخرمي وفتنة الزنج ، وهكذا اشغلت مدينة سامراء الزاهرة ما يزيد على نصف قرن كانت فيه حاضرة الخلافة الاسلامية وعاصمة الدولة العربية ، وهذه الدولة هي امتداد للدولة العربية والخلافة الاسلامية التي قامت في المدينة المنورة اثر هجرة الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وسلم ) إليها وامتدت حتى منتصف القرن السابع الهجري .

منقول
من موقع
khayma.com

التعليقات: 0

Post a Comment

Baghdad
عمر العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
free counters