أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

السبت، 25 يونيو 2011

الجامع الكبير في سامراء

كان من خطة المعتصم بالله في بناء سامراء ان يبني مسجداً في كل منطقة سكنية ، فعندما اقطع كبير قواده اشناس واصحابه الموضع المعروف بالكرخ أمره ان يبني مع المساكن المساجد والاسواق ، كما انه انشأ مسجداً جامعاً على شارع الريحة ، وهو الشارع الاعظم ، واختط الأسواق حوله ، ولم يزل يجمع فيه الى ايام المتوكل على الله الذي تولى الخلافة سنة ( 233 هـ ) فضاق على الناس فهدمه وبنى مسجداً جامعاً واسعاً في طرف الحير ، ويقول اليعقوبي : ( وبنى المسجد الجامع في اول الحير في موضع واسع خارج المنازل لا يتصل به شيء من القطائع والاسواق ، واتقنه ووسعه واحكم بناءه وجعل فيه فوارة ماء لا ينقطع ماؤها، وجعل الطرق إليه من ثلاثة صفوف واسعة عظيمة
من الشارع الذي يأخذ من وادي ابراهيم بن رباح ، في كل صف حوانيت فيها اصنفا التجارات والصناعات والمبيعات ، وعرض كل صف مائه ذراع بالذراع السوداع ، لئلا يضيق عليه الدخول الى المسجد اذا حضر المسجد في الجمع في جيوشه وجموعه وبخيله ورجله(1) .
يعتبر المسجد الجامع الذي انشأه المتوكل على الله اروع المنشآت ذات الاثر في تلك الحقبة من حياة الدولة العربية ، وتشاهد ىثاره الى اليوم مع مئذنته الملوية شمالي غربي مدينة سامراء الحالية ، وتعتبر اضخم وابرز الاثار الباقية من مباني سامراء القديمة وهو يعد اكبر جامع في العالم الاسلامي ، وكان البدء ببنايته في سنة ( 234 هـ ) والانتهاء منه في سنة ( 237 هـ )(2) . ويذكر ياقوت الحموي ان مجموع ما انفق على بنائه بلغ خمسة عشر الف درهم(3) .
وجامع المتوكل على الله مستطيل الشكل تواجه اضلاعه الأربعة الجهات الاربع تقريباً ويبلغ طول ضلعه من الشمال الى الجنوب ( 248.70 متر ) من الخارج بدون الزيادة ومن الشرق الى الغرب ( 165.80 متر ) من الخارج ايضاً اما من الداخل فطوله ( 238.60 مترا ) وعرضه ( 155.60 متر ) ، ويتألف هذا الجامع من بيت للصلاة ومجنبتين ومؤخرة تحيط بصحن مستطيل وكان في الصحن نافورة ( حوض للماء ) ذات شكل دائري تتكون من قطعة واحدة من حجر الجرانيت .
يتكون بيت الصلاة في هذا الجامع من تسعة اساكيب وخمسة وعشرين بلاطة متساوية في سعتها عدا بلاطة المحراب فهي اوسعا من غيرها ويبلغ عرضها ( 4.20 مترا ) ويطل المصلى على الصحن بتسع عشرة بائكة ، اما عمق المصلى فيبلغ ( 62 م ) وتتألف كل من المجنبتين الشرقية والغربية من اربعة اروقة تشتمل كل منها على ( 23 ) بلاطة أي تطل كل منها على الصحن بثلاث وعشرين بائكة وتتكون مؤخرة الجامع من ثلاثة اساكيب بخمس وعشرين بلاطة وبوائكها بعدد بوائك وبلاطات المصلى والبلاطة الوسطى بعرض بلاطة المحراب ايضاً .
بناء جامع المتوكل على الله متين وضخم جداً خصوصاً جدرانه ومأذنته حيث قاومت
عوامل التخريب وظلت شاخصة رغم ما اصابها من بعض التلف ، شيد الجامع بطابوق وجص وفرشت ارضيته كلها بطابوق مربع صف بدقة واتقان وجدران الجامع ضخمة جداً متميزة بارتفاعها الذي يبلغ احد عشر متراً وسمكها الذي يبلغ ( 2.70 م ) بدون الابراج والجدران هذه مدعمة بابراج نصف اسطوانية تجلس على قواعد مستطيلة عدا ابراج الاركان فهي شبه مستديرة يبلغ قطرها ( 5 م ) ومجموع ابراج الجامع ( 44 ) برجاً ومثلها للجدار الغربي اما الشمالي فتدعمه ثمانية ابراج ومثلها الجنوبي ، ويمكن الدخول الى الجامع عن طريق ( 15 ) مدخلاً ثلاثة منها في الجدار الشمالي ، واثنان في جدار القبلة ، وخمسة في كل من الجدارين الشرقي والغربي وترفع عقود هذه المداخل ستة امتار على مستوى ارض الجامع وتتوجها نوافذ ذات عقود مدببة .
واروع ما في جدار القبلة صف من نوافذ صغيرة عددها أربع وعشرين ، وتنفتح كل واحدة منها على احدى بلاطات بيت الصلاة عدا بلاطة المحراب فهي بدون نافذة ، ومما لا ريب فيه ان وظيفه هذه النوافذ هي ادخال النور والهواء الى المصلى وجعلت على ارتفاع معين اقرب الى السقف من ارضية الجامع ، وهذه النوافذ مستطيلة الشكل من الخارج منحدرة الى الداخل وذات اقواس مفصصة ترتكز اطرافه على اعمدة آجرية شبه اسطوانية مندمجة اطرافها وهذه التشكيلة تزيد في جمال جدار القبلة الذي يتوسطه محراب ضخم ذو منية مجوفة مزدوجة العقود وتستند اطراف عقوده على أعمدة رخامية اسطوانية رشيقة ولم تقتصر تشكيلات الزينة والتحلية على جدار القبلة والمصلى حسب بل امتدت الى اجزاء أخرى من هذا الجامع الكبير فقد زينت هامات الجدران من الخارج بسلسلة من دوائر مقعرة داخل شكل رباعي وتظهر هذه المقعرات وكأنها اكاليل يحيط بالجامع وعددها ست بين كل برجين وقطرها متر واحد .
يتميز الجامع بمئذنتة الملوية وهي اقدم واهم مآذن العراق الاثرية القائمة ، ومأذنة جامع المتوكل فريدة بين مآذن العالم الاسلامي وتقع خارج الجامع بمسافة ( 27.20 م ) عن الجدار الشمالي للجامع وتقع على الخط المحوري لمحراب الجامع ، بدن المأذنة حلزوني يجلس على مصطبة مربعة الشكل ذات طبقتين طول السفلى منها ( 31.80 ) متراً والعليا ( 30.5 م ) وترتفع هذه المصطبة ( 4.20 م ) من مستوى وجه الأرض وتزينها حنايا ذات عقود مدببة عددها تسع في كل ضلع عدا الوجه الجنوبي فتشغله سبع فقط ، اذ تغطي جزء منه نهاية السلم المنحدر الذي يؤدي الى القاعدة ، وبدن المأذنة اسطواني الشكل يدور حوله سلم حلزوني ، ويدور باتجاه معاكس لاتجاه عقارب الساعة وتخترق في قسمها العلوي الاسطوانة الاخيرة في البدن وينتهي بقمة المأذنة التي بلغ قطرها ثلاثة امتار واروع ما في القسم العلوي من هذه المأذنة هو فص من المشاكي المحرابية ، وعددها ثمان ، تتوج البدن وترتكز عقودها على أعمدة آجرية شبه اسطوانية مندمجة .
ويبلغ ارتفاع هذه المأذنة نحو خمسين مترا عدا لقاعدة ، تظل الملوية فريدة في طرازها بين مآذن جوامع العالم الاثرية والحديثة ورغم محاولات عديدة في نسبة شكلها الى حضارات سابقة إلا ان تلك المحاولات لم تكن موفقة والحقيقة ان تصميمها ابتكار عربي صرف .
ويظم جامع المتوكل على الله عناصر معمارية أخرى جديدة منها الاقواس المفصصة والمقعرات والحنايا المحرابية التي ابدعها المعمار العربي المسلم وحقق فيها نجاحات مع استخداماتها
منقول من موقع
khayma.com

التعليقات: 0

Post a Comment

Baghdad
عمر العراقي. يتم التشغيل بواسطة Blogger.
free counters